عجب الذنب
ﺃﺛﺒﺖ ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺼﻮﻥ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺍﻷﺟﻨﺔ
ﺃﻥ ﺟﺴﺪ ﺍﻟﺠﻨﻴﻦ ﻳﻨﺸﺄ ﻣﻦ ﺷﺮﻳﻂ
ﺩﻗﻴﻖ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻳﺴﻤﻰ " ﺑﺎﻟﺸﺮﻳﻂ
ﺍﻷﻭﻟﻲ " ، ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺮﻳﻂ ﻳﺘﺨﻠﻖ ﻓﻲ
ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﻴﺢ
ﺍﻟﺒﻮﻳﻀﺔ ﻭﺍﻧﻐﺮﺍﺯﻫﺎ ﺑﺠﺪﺍﺭ ﺍﻟﺮﺣﻢ ،
ﻭﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻈﻬﻮﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺮﻳﻂ ﻳﺒﺪﺃ
ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺠﻬﺎﺯ ﺍﻟﻌﺼﺒﻲ ، ﻭﺑﺪﺍﻳﺎﺕ
ﺍﻟﻌﻤﻮﺩ ﺍﻟﻔﻘﺮﻱ ، ﻭﺑﻘﻴﺔ ﺃﻋﻀﺎﺀ
ﺍﻟﺠﺴﻢ ، ﺃﻣﺎ ﻋﻨﺪ ﻏﻴﺎﺏ ﺃﻭ ﻋﺪﻡ
ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﺮﻳﻂ ﺍﻷﻭﻟﻲ ﻓﺈﻥ ﻫﺬﻩ
ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﻻ ﺗﺘﻜﻮﻥ ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻ
ﻳﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﻘﺮﺹ ﺍﻟﺠﻨﻴﻨﻲ ﺍﻟﺒﺪﺍﺋﻲ
ﺇﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﺑﻤﺎ
ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺠﻬﺎﺯ ﺍﻟﻌﺼﺒﻲ .
ﻭﻷﻫﻤﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺮﻳﻂ ﺍﻷﻭﻟﻲ
ﺟﻌﻠﺘﻪ ﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﺭﻧﻚ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ -
ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺑﺎﻟﺘﻠﻘﻴﺢ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ
ﻭﺍﻷﺟﻨﺔ - ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﺑﻴﻦ
ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﺴﻤﺢ ﻓﻴﻪ ﻟﻸﻃﺒﺎﺀ ﻭ
ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﺑﺈﺟﺮﺍﺀ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﻋﻠﻰ
ﺍﻷﺟﻨﺔ ﺍﻟﻤﺒﻜﺮﺓ ﺍﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ ﻓﺎﺋﺾ
ﺍﻟﺘﻠﻘﻴﺢ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﺍﻷﻧﺎﺑﻴﺐ ،
ﻓﻘﺪ ﺳﻤﺤﺖ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺑﺈﺟﺮﺍﺀ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﻗﺒﻞ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﺸﺮﻳﻂ
ﺍﻷﻭﻟﻲ ، ﻭﻣﻨﻌﺘﻪ ﻣﻨﻌﺎً ﺑﺎﺗﺎً ﺑﻌﺪ
ﻇﻬﻮﺭﻩ ، ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﻇﻬﻮﺭ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺮﻳﻂ ﻳﻌﻘﺒﻪ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺎﺕ
ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻠﺠﻬﺎﺯ ﺍﻟﻌﺼﺒﻲ .
ﻭﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﺸﺮﻳﻂ ﺍﻷﻭﻟﻲ ﻣﻦ
ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺳﺒﻮﻉ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ،
ﺣﺘﻰ ﻳﺒﺪﺃ ﻓﻲ ﺍﻻﻧﺪﺛﺎﺭ ﻭﻳﺒﻘﻰ ﻣﻨﻪ
ﺟﺰﺀ ﻳﺴﻴﺮ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻌﻤﻮﺩ
ﺍﻟﻔﻘﺮﻱ ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻑ
ﺑﺎﻟﻌﺼﻌﺺ ، ﻭﻻ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﺮﻯ ﺑﺎﻟﻌﻴﻦ
ﺍﻟﻤﺠﺮﺩﺓ .
ﻭﻗﺪ ﺣﺎﻭﻝ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ
ﺍﻟﺼﻴﻦ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ
ﺍﻟﻤﺨﺘﺒﺮﻳﺔ ﺇﻓﻨﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﺰﺀ ) ﻧﻬﺎﻳﺔ
ﺍﻟﻌﺼﻌﺺ ( ، ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺇﺫﺍﺑﺘﻪ ﻓﻲ
ﺃﻗﻮﻯ ﺍﻷﺣﻤﺎﺽ ، ﺃﻭ ﺣﺮﻕ ، ﺃﻭ
ﺳﺤﻘﻪ ، ﺃﻭ ﺗﻌﺮﻳﻀﻪ ﻟﻸﺷﻌﺔ
ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ، ﻓﻠﻢ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﺍ ﺫﻟﻚ .
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻫﻮ ﻋﺠﺐ
ﺍﻟﺬﻧﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮﻩ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ
ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ، ﻗﺒﻞ ﺃﻟﻒ ﻭﺃﺭﺑﻌﻤﺎﺋﺔ
ﺳﻨﺔ ، ﻭﺑﻴﻦ ﺃﻧﻪ ﻳﺮﻛﺐ ﻣﻨﻪ ﺃﻭﻝ
ﻣﺮﺓ ، ﻭ ﺃﻧﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﻘﻰ ﺑﻌﺪ
ﻭﻓﺎﺗﻪ ﻭﻓﻨﺎﺀ ﺟﺴﺪﻩ ، ﻭﻣﻨﻪ ﻳﻌﺎﺩ
ﺧﻠﻘﻪ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻌﺚ
ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻟﻠﺤﺴﺎﺏ ﻭﺍﻟﺠﺰﺍﺀ ، ﺣﻴﺚ ﻳﻨﺰﻝ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻣﻄﺮﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ
ﻓﻴﻨﺒﺖ ﻛﻞ ﻓﺮﺩ ﻣﻦ ﻋﺠْﺐ ﺫﻧﺒﻪ ،
ﻛﻤﺎ ﺗﻨﺒﺖ ﺍﻟﻨﺒﺘﺔ ﻣﻦ ﺑﺬﺭﺗﻬﺎ.
ﻓﻌﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ
ﻗﺎﻝ : ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ) ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﻔﺨﺘﻴﻦ
ﺃﺭﺑﻌﻮﻥ ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺃﺭﺑﻌﻮﻥ
ﻳﻮﻣًﺎ؟ ﻗﺎﻝ : ﺃﺑﻴﺖ ، ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﺃﺭﺑﻌﻮﻥ
ﺷﻬﺮًﺍ ؟ ﻗﺎﻝ: ﺃﺑﻴﺖ ، ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﺃﺭﺑﻌﻮﻥ
ﺳﻨﺔ ؟ ﻗﺎﻝ: ﺃﺑﻴﺖ ، ﻗﺎﻝ: ﺛﻢ ﻳُﻨْﺰِﻝ
ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻣﺎﺀ ﻓﻴﻨﺒﺘﻮﻥ ، ﻛﻤﺎ
ﻳﻨﺒﺖ ﺍﻟﺒﻘﻞ ، ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ
ﺷﻲﺀ ﺇﻻ ﻳﺒﻠﻰ ، ﺇﻻ ﻋﻈﻤًﺎ ﻭﺍﺣﺪًﺍ
ﻭﻫﻮ ﻋﺠﺐ ﺍﻟﺬﻧﺐ ، ﻭﻣﻨﻪ ﻳﺮﻛﺐ
ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ( ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ،
ﻭﺃﺧﺮﺝ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ
ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ : ) ﻛﻞ
ﺍﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﺗﺄﻛﻞ ﺍﻷﺭﺽ ﺇﻻ ﻋﺠﺐ
ﺍﻟﺬﻧﺐ ﻣﻨﻪ ﺧﻠﻖ ﻭﻓﻴﻪ ﻳﺮﻛﺐ ( ،
ﻭﺃﺧﺮﺝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ
ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ :
) ﻳﺄﻛﻞ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﻻ ﻋﺠﺐَ ﺫﻧﺒﻪ ، ﻗﻴﻞ :
ﻭﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ؟ ﻗﺎﻝ :
ﻣﺜﻞ ﺣﺒﺔ ﺧﺮﺩﻝ ﻣﻨﻪ ﺗَﻨْﺒُﺘﻮﻥ (ـ .
ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﻗﺪ ﺑﻴﻨﺖ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ
ﻳﺘﻮﺻﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺇﻻ ﻓﻲ
ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺆﻛﺪ
ﺻﺪﻕ ﻧﺒﻮﺓ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ، ﻭﺗﻠﻘﻴﻪ ﺫﻟﻚ ﻋﻦ
ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ، ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻠﻄﻴﻒ
ﺍﻟﺨﺒﻴﺮ ، ﺃﻇﻬﺮﻫﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻓﻲ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺼﺮ ، ﺇﻋﺠﺎﺯﺍً ﻭﺗﺤﺪﻳﺎً ﻟﻜﻞ
ﺟﺎﺣﺪ ﻭﻣﻜﺬﺏ ، ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺼﺪﺍﻗﺎً
ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ
ﺳﻨﺮﻳﻬﻢ ﺁﻳﺎﺗﻨﺎ
ﻓﻲ ﺍﻵﻓﺎﻕ ﻭﻓﻲ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺣﺘﻰ
ﻳﺘﺒﻴﻦ ﻟﻬﻢ ﺃﻧﻪ ﺍﻟﺤﻖ( ـ