حسن النية وصدق الضمير

روى الإمام البخاري والنسائي في صحيحيهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:ذهب رجل إلى آخر وطلب منه أن يسلفه ألف دينار،فقال له هات شاهدا يشهد على الدين فقال طالب المال كفى بالله شهيدا فقال صاحب المال هات كفيلا يضمنك فقال طالب المال كفى بالله كفيلا فأعطاه الألف دينار على أن يردها بعد عام وكان بين الدائن والمدين بحر يعبر بالسفن وحان يوم الأداء بعد أن إنصرم العام ذهب المدين ومعه الألف دينار ليردها إلى صاحبها لكنه لما وقف على شاطئ البحر فكان اليوم شديد الرياح هائج العواصف تكاد عواصفه تقتلع الجبال ونظر المدين ليجد سفينة يركبها فكأن البحر قد عقمت أرحامه ليلد سفينة واحدة و أوشكت الشمس أن تغرب والدائن في الشاطئ الآخر ينتظر وبدأ يسأل نفسه لما لم يكتب شاهدا لما لم يكتب كفيلا لما سمع كلامه وجعل الله كفيلا وشهيدا على دينه و الشيطان لعب به لكن المدين قد وجد قطعة سميكة من الخشب فحفر فيها حفرة غائره ووضع الألف دينار فيها وأحكم إغلاقها وتوجه إلى رافع السماء بلا عمد فقال يا رب لقد جعلتك كفيلا و شهيدا على ديني وقد حان اليوم وفب الاداء فوصل الأمانة إلى صاحبها ورمى الخشبة في البحر فوصلت إلى الشاطئ الآخر و الظلام قد حل فنظر الدائن صاحب المال إلى الخشبه ما لها تغدو وتروح إليه لا تريد أن تفارقه كالطير يمشي من الألم و هو مذبوح وكأن الخشبة قد أخذت عهدا مع الله أن لا تفارقه فأخذ الخشبة و قال إن الليلة شديدة البرد سأذهب بالخشبة إلى بيتي وأستدفئ بها فلما وصل قسم الخشبة إلى قسمين فوقعت منها الدنانير فعدها فوجدها ألف دينار فقال في نفسه يرحم الله المدين لعله لم يستطع أن يركب البحر والبحر هائج مائج فأرسل إلي بدينه لأنه أتخذ الله كفيلا وشهيدا فلم ينتهي الأمر بعد فإن الرجل المدين أتى في اليوم الثاني وهو يوم هادئ ومعه ألف دينار أخرى وقال ربما لم يصل الدين إلى صاحبه فذهب إليه فقال له يا فلان الله يعلم أنني ما استطعت أن أركب البحر أمس لأن البحر كان هائجافخذ دينك وشكر الله لك وكان يستطيع صاحب الدين أن يأخذ دينه مرتين مع العلم أنه ليس هناك إثبات عمى رد الدين ، لكن منعه من ذلك شيئ واحد وهو مخافة الله فقال صاحب الدين للمدين لقد أدى الله عنك دينك فارجع مشكورا.