سبب نزول (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها...)

ﻳﻘﻮﻝ ﺭﺑﻨﺎ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻰ
ﻣﺤﻜﻢ ﻛﺘﺎﺑﻪ »ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺄﻣﺮﻛﻢ
ﺃﻥ ﺗﺆﺩﻭﺍ ﺍﻷﻣﺎﻧﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻬﺎ
ﻭﺇﺫﺍ ﺣﻜﻤﺘﻢ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ
ﺗﺤﻜﻤﻮﺍ ﺑﺎﻟﻌﺪﻝ ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻧﻌﻤﺎ
ﻳﻌﻈﻜﻢ ﺑﻪ ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﺎﻥ ﺳﻤﻴﻌﺎ
ﺑﺼﻴﺮﺍ» «ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ.«58 :
»ﻭﺍﻷﻣﺎﻧﺎﺕ« ﺟﻤﻊ »ﺍﻷﻣﺎﻧﺔ«
ﻭﻫﻰ ﻣﺎ ﻓﺮﺿﻪ ﺍﻟﻠﻪ- ﺗﻌﺎﻟﻲ-
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻣﻦ ﻋﻘﻴﺪﺓ، ﻭﻋﺒﺎﺩﺓ،
ﻭﺃﺧﻼﻕ، ﻭﻣﻌﺎﻣﻼﺕ. ﻭﻳﻘﺎﻝ ﻓﻰ
ﺍﻟﻠﻐﺔ »ﺃﻣﻦ« ﺑﻪ »ﺃﻣﻨﺎ« ﺃﻯ ﻭﺛﻖ
ﺑﻪ ﻭﺃﺭﻛﻦ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻬﻮ »ﺁﻣﻦ.«
ﻭ»ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ« ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺼﺪﻕ،
ﻭ»ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ« ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﻮﺣﻰ
ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ.
ﻭﺃﻭﻝ ﻣﺎ ﻳﺘﺒﺎﺩﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﻣﻦ
ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻹﻟﻬﻰ ﺑﺄﺩﺍﺀ ﺍﻷﻣﺎﻧﺎﺕ
ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﻫﻮ ﺭﺩ ﺃﻣﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﺱ
ﻭﻭﺩﺍﺋﻌﻬﻢ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﺇﻟﻴﻬﻢ. ﻭﺫﻟﻚ
ﻷﻧﻪ ﻳﺮﻭﻯ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﻧﺰﻭﻝ
ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺃﻧﻪ ﻓﻰ ﻓﺘﺢ
ﻣﻜﺔ ﻗﺎﻡ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻃﻠﺤﺔ
ﺑﺈﻏﻼﻕ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ، ﻭﺑﺎﻟﺼﻌﻮﺩ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻄﺢ، ﻭﺃﺑﻰ ﺃﻥ ﻳﺪﻓﻊ
ﺍﻟﻤﻔﺘﺎﺡ ﺇﻟﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻭﻗﺎﻝ: ﻟﻮ
ﻋﻠﻤﺖ ﺃﻧﻪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻢ ﺃﻣﻨﻌﻪ.
ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺟﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺑﻦ ﺃﺑﻰ ﻃﺎﻟﺐ
ﻭﺃﺧﺬ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻤﻔﺘﺎﺡ ﻋﻨﻮﺓ ﻭﻓﺘﺢ
ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ، ﻓﺪﺧﻠﻬﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ
– ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -
ﻭﺻﻠﻰ ﺭﻛﻌﺘﻴﻦ، ﻓﻠﻤﺎ ﺧﺮﺝ، ﺃﻣﺮ
ﻋﻠﻴﺎ ﺃﻥ ﻳﺮﺩ ﺍﻟﻤﻔﺘﺎﺡ ﺇﻟﻰ ﻋﺜﻤﺎﻥ
ﺑﻦ ﻃﻠﺤﺔ، ﻭﺃﻥ ﻳﻌﺘﺬﺭ ﺇﻟﻴﻪ. ﻓﻠﻤﺎ
ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺘﺬﺭﺍ ﻗﺎﻝ ﻟﻪ
ﻋﺜﻤﺎﻥ: ﺁﺫﻳﺖ ﻭﺃﻛﺮﻫﺖ ﺛﻢ ﺟﺌﺖ
ﺗﺘﺮﻓﻖ! ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻠﻲ: ﻟﻘﺪ ﺃﻧﺰﻝ
ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻰ ﺷﺄﻧﻚ ﻗﺮﺁﻧﺎ ﻭﻗﺮﺃ ﻋﻠﻴﻪ
ﺍﻵﻳﺔ» :ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺄﻣﺮﻛﻢ ﺃﻥ ﺗﺆﺩﻭﺍ
ﺍﻷﻣﺎﻧﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻬﺎ« ﻓﺄﺳﻠﻢ
ﻋﺜﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ، ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ
ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
"ﺧﺬﻭﻫﺎ ﻳﺎ ﺑﻨﻰ ﻃﻠﺤﺔ ﺧﺎﻟﺪﺓ
ﺗﺎﻟﺪﺓ ﻻ ﻳﺄﺧﺬﻫﺎ ﻣﻨﻜﻢ ﺇﻻ ﻇﺎﻟﻢ"
»ﺍﻟﻔﺨﺮ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ.«
ﻭﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﻓﻰ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﻋﺎﻡ
ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ
ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻷﻣﺎﻧﺎﺕ
ﺗﺸﻤﻞ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ
ﺑﺎﻟﺬﻣﻢ، ﻭﺗﺸﻤﻞ ﻛﻼ ﻣﻦ ﺣﻘﻮﻕ
ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ، ﻣﻤﺎ ﺍﺋﺘﻤﻨﺘﻢ
ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺨﺎﻃﺒﻮﻥ ﺑﺎﻵﻳﺔ
ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺩﺍﺋﻊ ﻭﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ.
ﻭﻳﺪﺧﻞ ﻓﻰ ﺫﻟﻚ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺃﻣﺎﻧﺔ
ﺍﻟﻨﺼﻴﺤﺔ ﻣﻤﻦ ﻳﻤﻠﻜﻬﺎ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ
ﺍﻟﺮﺍﻋﻰ ﻭﺍﻟﺮﻋﻴﺔ، ﻭﺃﻣﺎﻧﺔ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ
ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﻖ ﺍﺳﺘﺮﻋﻰ ﺍﻟﻠﻪ-
ﺗﻌﺎﻟﻲ- ﺑﻪ ﻋﺒﺪﺍ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩﻩ
ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ. ﻭﻳﺸﻤﻞ ﺫﻟﻚ ﺃﻳﻀﺎ
ﺃﻣﺎﻧﺔ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ،
ﻭﺃﻣﺎﻧﺔ ﺣﺴﻦ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﻣﻦ
ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ، ﻭﺃﻣﺎﻧﺔ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ
ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻣﺎﺕ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﻣﻦ
ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻷﺧﻮﺓ ﻭﺍﻷﺧﻮﺍﺕ،
ﻭﺣﺮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻭﺛﺮﻭﺍﺗﻪ،
ﻭﺃﻣﻨﻪ، ﻭﻣﺼﺎﻟﺤﻪ، ﻭﺃﻣﺎﻧﺔ
ﺍﻟﻌﻤﻞ، ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺎﻧﺎﺕ
ﻭﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ، ﻭﺍﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﺍﻟﺘﻰ
ﻓﺮﺿﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ
ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ. ﻭﻛﻞ ﻫﺬﻩ
ﺍﻷﻣﺎﻧﺎﺕ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﺆﺩﻯ ﻟﻠﻪ
ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﻟﺠﻤﻴﻊ ﺧﻠﻘﻪ، ﻷﻥ
ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻣﻘﺪﺳﺔ ﻋﻨﺪ ﺭﺏ
ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ. ﻓﻠﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﻔﻮ ﻋﻤﻦ ﻳﺸﺎﺀ
ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺇﺫﺍ ﻗﺼﺮ ﻓﻰ ﺣﻖ ﻣﻦ
ﺣﻘﻮﻗﻪ، ﻭﺃﻣﺎ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻓﺈﻣﺎ
ﺃﻥ ﺗﺆﺩﻯ ﻓﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﺃﻭ
ﺃﻥ ﺗﻘﺘﺺ ﻓﻰ ﺍﻵﺧﺮﺓ، ﺣﻴﻦ ﻻ
ﻳﻤﻠﻚ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﻻ ﺣﺴﻨﺎﺗﻪ، ﻓﻰ
ﻣﻮﻗﻒ ﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺎﻟﺘﻨﺎﺯﻝ ﻋﻦ
ﺷﻲﺀ ﻣﻨﻬﺎ. ﻭﻓﻰ ﺫﻟﻚ ﻗﺎﻝ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﻷﺻﺤﺎﺑﻪ:
ﺃﺗﺪﺭﻭﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﻠﺲ ﻣﻦ ﺃﻣﺘﻲ؟
ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺍﻟﻤﻔﻠﺲ ﻓﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﻻ ﺩﺭﻫﻢ
ﻟﻪ ﻭﻻ ﻣﺘﺎﻉ. ﻓﻘﺎﻝ: ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻔﻠﺲ
ﻣﻦ ﺃﻣﺘﻰ ﻣﻦ ﻳﺄﺗﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ
ﺑﺼﻼﺓ ﻭﺻﻴﺎﻡ ﻭﺯﻛﺎﺓ، ﻭﻳﺄﺗﻰ ﻗﺪ
ﺷﺘﻢ ﻫﺬﺍ ﻭﻗﺬﻑ ﻫﺬﺍ ﻭﺃﻛﻞ ﻣﺎﻝ
ﻫﺬﺍ ﻭﺳﻔﻚ ﺩﻡ ﻫﺬﺍ ﻭﺿﺮﺏ ﻫﺬﺍ
ﻓﻴﻌﻄﻰ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺣﺴﻨﺎﺗﻪ ﻭﻫﺬﺍ
ﻣﻦ ﺣﺴﻨﺎﺗﻪ، ﻓﺈﻥ ﻓﻨﻴﺖ ﺣﺴﻨﺎﺗﻪ
ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻘﻀﻰ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺧﺬ ﻣﻦ
ﺧﻄﺎﻳﺎﻫﻢ ﻓﻄﺮﺣﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺛﻢ
ﻃﺮﺡ ﻓﻰ ﺍﻟﻨﺎﺭ. ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ.
ﻭﻣﻦ ﺃﺩﺍﺀ ﺍﻷﻣﺎﻧﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﺃﻥ
ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻛﻞ ﻣﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﻤﺠﺎﻫﺪﺓ
ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ ﻹﻗﺎﻣﺔ ﺩﻳﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻰ
ﺍﻷﺭﺽ »ﻭﻗﺪ ﺍﺋﺘﻤﻨﻨﺎ ﺭﺑﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ«،
ﻭﺗﺜﺒﻴﺖ ﻋﺪﻟﻪ ﻓﻰ ﺭﺑﻮﻋﻬﺎ، ﺑﻌﺪ
ﺃﻥ ﻣﻠﺌﺖ ﺑﺎﻟﻤﻈﺎﻟﻢ، ﻭﻏﺮﻗﺖ ﻓﻰ
ﺑﺤﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﻭﺍﻷﺷﻼﺀ،
ﻭﺍﻟﺨﺮﺍﺏ ﻭﺍﻟﺪﻣﺎﺭ ﻓﻰ ﺯﻣﻦ
ﺍﻟﻀﻴﺎﻉ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻭﺍﻟﻔﺘﻦ ﺍﻟﻘﺎﺗﻤﺔ
ﺍﻟﺘﻰ ﻳﻌﻴﺸﻬﺎ ﺃﻏﻠﺐ ﺃﻫﻞ ﺍﻷﺭﺽ
ﺍﻟﻴﻮﻡ.
ﻭﻣﻦ ﺃﺩﺍﺀ ﺍﻷﻣﺎﻧﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﺃﻥ
ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻓﻰ ﺃﺧﻼﻗﻪ
ﻭﺳﻠﻮﻛﻪ ﺗﺠﺴﻴﺪﺍ ﺣﻘﻴﻘﻴﺎ ﻟﻺﺳﻼﻡ
ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﺬﻯ ﻳﺪﻋﻮ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺎﺭﻡ
ﺍﻷﺧﻼﻕ، ﻭﺗﻄﺒﻴﻘﺎ ﺩﻗﻴﻘﺎ ﻷﻭﺍﻣﺮ
ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﺑﺒﻨﺎﺀ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ
ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ، ﺍﻟﺬﻯ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻰ ﻛﻞ ﺃﻣﺮ
ﻣﻦ ﺃﻣﻮﺭﻩ ﺩﻋﻮﺓ ﺻﺎﺩﻗﺔ ﻟﺪﻳﻦ
ﺍﻟﻠﻪ. ﻭﻣﻦ ﺃﺩﺍﺀ ﺍﻷﻣﺎﻧﺎﺕ ﺇﻟﻰ
ﺃﻫﻠﻬﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ
ﻣﺴﺘﻮﻋﺒﺎ ﻟﺮﺳﺎﻟﺘﻪ ﻓﻰ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ: ﺑﻜﻮﻧﻪ ﻋﺒﺪﺍ ﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻲ،
ﻣﻜﻠﻔﺎ ﺑﻌﺒﺎﺩﺓ ﺧﺎﻟﻘﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﺑﻤﺎ
ﺃﻣﺮ، ﻭﻣﻨﺰﻫﺎ ﺇﻳﺎﻩ ﻋﻦ ﺟﻤﻴﻊ
ﺻﻔﺎﺕ ﺧﻠﻘﻪ، ﻭﻋﻦ ﻛﻞ ﻭﺻﻒ ﻻ
ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺠﻼﻟﻪ، ﻭﺑﻜﻮﻧﻪ ﺑﺬﻟﻚ
ﻣﺴﺘﺨﻠﻔﺎ ﻧﺎﺟﺤﺎ ﻓﻰ ﺍﻷﺭﺽ ،
ﻣﻄﺎﻟﺒﺎ ﺑﻌﻤﺎﺭﺗﻬﺎ، ﻭﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﺷﺮﻉ
ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻋﺪﻟﻪ ﻓﻰ ﺭﺑﻮﻋﻬﺎ، ﻋﻠﻰ
ﻗﺪﺭ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻠﻘﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﻫﻮ ﺭﺍﺽ ﻋﻨﻪ. ﻭﻫﺬﻩ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻦ
ﺍﻷﻣﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﻰ ﺃﻣﺮﻧﺎ ﺭﺑﻨﺎ ﺗﺒﺎﺭﻙ
ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺄﺩﺍﺋﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻬﺎ، ﻭﺇﻻ
ﻓﺈﻥ ﺑﻘﻰ ﻓﻰ ﻋﻨﻖ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻣﻨﻬﺎ
ﺷﻲﺀ ﻟﻢ ﻳﺆﺩﻩ ﻓﺈﻧﻪ ﻻﺑﺪ ﻭﺃﻥ
ﻳﺴﺪﺩﻩ ﻣﻦ ﺣﺴﻨﺎﺗﻪ ﻓﻰ ﻳﻮﻡ
ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ »ﻳﻮﻡ ﻻ ﻳﻨﻔﻊ ﻣﺎﻝ ﻭﻻ
ﺑﻨﻮﻥ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺃﺗﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻘﻠﺐ
ﺳﻠﻴﻢ« ﻭﻓﻰ ﺫﻟﻚ ﻳﻘﻮﻝ ﺭﺳﻮﻝ
ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ» :ﺇﺫﺍ
ﺿﻴﻌﺖ ﺍﻷﻣﺎﻧﺔ ﻓﺎﻧﺘﻈﺮ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ؛
ﻗﻴﻞ ﻭﻛﻴﻒ ﺇﺿﺎﻋﺘﻬﺎ؟ ﻗﺎﻝ: ﺇﺫﺍ
ﻭﺳﺪ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮ ﺃﻫﻠﻪ ﻓﺎﻧﺘﻈﺮ
ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ »ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ» .«ﻻ ﺇﻳﻤﺎﻥ
ﻟﻤﻦ ﻻ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﻟﻪ، ﻭﻻ ﺩﻳﻦ ﻟﻤﻦ ﻻ
ﻋﻬﺪ ﻟﻪ» «ﺍﻹﻣﺎﻣﺎﻥ ﺃﺣﻤﺪ
ﻭﺍﻟﺒﻴﻬﻘﻲ» .«ﺃﺩ ﺍﻷﻣﺎﻧﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﻦ
ﺍﺋﺘﻤﻨﻚ، ﻭﻻ ﺗﺨﻦ ﻣﻦ ﺧﺎﻧﻚ«
»ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺑﻮﺩﺍﻭﺩ.« ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮﺫﺭ
ﺭﺿﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ: ﺃﻻ
ﺗﺴﺘﻌﻤﻠﻨﻲ؟ ﻗﺎﻝ: ﻓﻀﺮﺏ ﺑﻴﺪﻩ
ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻜﺒﻰ ﺛﻢ ﻗﺎﻝ» :ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﺫﺭ
ﺇﻧﻚ ﺿﻌﻴﻒ، ﻭﺇﻧﻬﺎ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﻭﺇﻧﻬﺎ
ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺧﺰﻯ ﻭﻧﺪﺍﻣﺔ، ﺇﻻ
ﻣﻦ ﺃﺧﺬﻫﺎ ﺑﺤﻘﻬﺎ، ﻭﺃﺩﻯ ﺍﻟﺬﻯ
ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﻬﺎ» «ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﺴﻠﻢ.«