يذكر أن رجل يسمى ابن جدعان
تصدق بأحب ماله إليه وكانت ناقة إلى جار فقير الحال له سبع بنات ,
فرح الجار الفقير فكان يشرب هو و بناته من لبنها
و لما جاء الصيف بجفافه وقحطه, تشققت الأرض خرج ابن جدعان مع
البدو يرتحلون يبحثون عن الماء والكلأ,
في الدحول, و هي حفر في الأرض توصل إلى محابس مائية و دخل إلى أحدها ليُحضر الماء حتى يشرب ـ وأولاده الثلاثة خارج الدحل ينتظرون ـ فضاع تحت الدحل ولم يعرف الخروج.
وانتظر أبناؤه يومًا ويومين وثلاثة حتى يأسوا قالوا: لعل ثعبانًا لدغه ومات, لعله تاه تحت الأرض وهلك, فذهبوا إلى البيت وقسموا الميراث
فقام أوسطهم وقال: أتذكرون ناقة أبي التي أعطاها لجاره, إن جارنا هذا لا يستحقها,
فأخذوا بعيرًا أجربًا ليعطوه للجار بدل الناقة
فقال الجار: إن أباكم أهداها لي, أتعشى وأتغدى من لبنها
فاللبن يُغني عن الطعام والشراب كما يُخبر النبي ,
فقالوا: أعد لنا الناقة خيرٌ لك, وخذ هذا الجمل
قال: أشكوكم إلى أبيكم,
قالوا: اشكِ إليه فإنه قد مات,
قال: مات, كيف مات؟
ولما لا أدري؟ قالوا: دخل دِحلاً في الصحراء ولم يخرج,
قال: اذهبوا بي إلى هذا الدحل ثم خذوا الناقة وافعلوا ما شئتم ولا أريد جملكم ..
فذهبوا به إلى المكان الذي دخل فيه صاحبه الوفي وأحضر حبلاً وأشعل شعلةً ونزل يزحف حتى وصل إلى مكان يحبوا فيه
, وإذا به يسمع أنين الرجل فوضع يده فإذا هو حي يتنفس بعد أسبوع من الضياع,
حمله خارج الدحل وأعطاه التمر وسقاه وحمله على ظهره وجاء به إلى داره,
ودبت الحياة في الرجل من جديد, وأولاده لا يعلمون, قال: أخبرني بالله عليك أسبوعًا تحت الأرض وأنت لم تمت.
قال: سأحدثك حديثًا عجبًا, بعد ثلاثة أيام فقدت الأمل و سلمت أمري إلى الله وإذا بي أحس بلبن يتدفق على لساني فاعتدلت فإذا بإناء في الظلام لا أراه يقترب من فمي فأرتوي ثم يذهب كل يوم ثلاث مرات, ولكن منذ يومين انقطع لا أدري ما سبب انقطاعه؟
يقول: فقلت له لو تعلم سبب انقطاعه لتعجبت!
ظن أولادك أنك مت و سحبوا الناقة التي كان يسقيك الله منها, والمسلم في ظل صدقته,
وكما قال : ((صنائع المعروف تقي مصارع السوء))
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنهـا لا تفرج