قال الرسول الكريم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حين قال مخبرا عن ماسوف يحدث في آخر الزمان : ( تتكالب عليكم الأمم كما تتكالب الأكلة على قصعتها , قلنا (وهم الصحابة الكرام): أمن قلة يارسول الله؟ قال : بل من كثرة ولكنكم غثاء كغثاء السيل ) متفق عليه
.وسوف أبدأ من بداية الحديث :
معنى تتكالب : سننظر اولا ألى قوة الحروف والأصوات في الكلمة , فحرف ( الكاف ) وهي من الحروف( اللهوية ) أي من اللهاة وهو مابين الفم والحلق , والتي تصدر من الحنك أي ما يلي أقصى اللسان قليلا فهي من الحروف القوية التي التي تلفت إليها أية كلمة كانت موجودة مثلها مثل حرف ( القاف)
ويقصد بـ (تتكالب) : أي تجتمع منقضة أو تجتمع متهجمة أو( العكس ) ويكون بشرط (استسلام الفريسة استسلاما تاما ) أي أن حال الفريسة يكون السكون لا الحركة , ولو قيل : تنقض أو تهجم الوحوش على الفريسة لما أعطى نفس المعنى فهناك إحساس عند تخيل الصورة أن الفريسة تكون في حالة مقاومة أما جملة تتكالب الوحوش على الفريسة ) فهي توحي لنا فورا بصورة الوحش وهو ينقض على الفريسة وهي بلا حول ولا قوة , خائرة لا تبدي أية مقاومة أو ربما في حالة غيبوبة أو قد تكون ميتة أصلا ( فأي من هذه الصفات نختار لأمتنا اليوم ) .
(عليكم الأمم ) أي الشعوب الأخرى من غير دينكم من عرب وعجم , وليس ذلك فحسب بل - حسب رأي الشخصي ونظرا لما يحدث الآن- قد يقصد به المتسترون بزي الإسلام من شيعة وعلمانيون وغيرهم ممن يتكلمون لغتنا ويدينون بديننا ولكن يحملون لنا في دخائلهم حقدا دفينا ( المنافقون ) وهؤلاء في رأيي خطرهم كخطر أولئك الكفرة الفجرة .
أما لفظة ( عليكم ) معناها واضح ,ولا يقصد بها الصحابة بذواتهم , ولكننا نحن أحفادهم وأتباعهم .
(كما تتكالب ) وهنا تكررت تلك الكلمة لزيادة تأكيد المعنى وتأكيد على الحدث الواقع , والكاف في (كما ) هي للتشبيه طبعا تمهيدا لما سوف يأتي من صورة تشبيهية عجيبة .
( الأكلة ) : وهنا صيغة مبالغة للفظة (آكل) وهي تدل على صفة النهم والجوع الشديد الذي يقع فيه أولئك الأكلة وهي تختلف في معناها عن لفظة ( أكُول ) و ( أكِّيل) فالأولى بمعنى: (الشره وهي تشبه في معناها الكلمة التي وردت في الحديث ولكنها تنقص عنها بأنها مختصرة على الشراهة أي الأكل دون جوع) والثانية : بمعنى ( المتذوق للطعام ). فانظروا إلى مدى هذا الإعجاز العجيب في لغة الضاد وما تحويه الكلمة الواحدة من معاني بمجرد تغيير الحروف والحركات. المراد به هنا أن الأمم الأخرى تتهجم على أمتنا الخائرة المستسلمة وهي في حالة نهم وجوع شديد حقدا وكمدا ورغبة منهم في إخماد هذا الدين العظيم .
(على قصعتها ) القصعة كما هو معروف ( الطبق ) أو كما ننطقها الصّحّن ".
أما الروعة البيانية فتتجلى في الضمير (ها) فهنا ينسب القصعة إلى الأكلة أي أنهم أصحابها , أي أننا وبكل وضوح ياسادتي الكرام تابعون لهم أو أننا قد نعتبر من أملاكهم الخاصة ( فأيهما نحن بالضبط أم أننا كلتا الصفتين ), فكيف عرف عليه الصلاة والسلام ماسوف نكون عليه اليوم : ( وما ينطق عن الهوى , ان هو إلا وحي يوحى )
(قلنا أمن قلة يا رسول الله ؟) أي الصحابة الكرام يستفسرون في امور دينهم فكل مايقوله الرسول الكريم هو بمثابة قاعدة يسيرون عليها وحقيقة واقعة لا جدال فيها .
:
(بل من كثرة ؛ ولكنكم غثاء كغثاء السيل )
غثااااااااء كغثاااء السيل .... غثااااء كغثااااء السيل ....غثاااااء كغثاااء السيل .
يروعني هذا الحديث ويفجعني ,بل ويقض عليّ مضجعي حينا ,وينتابني الهم العظيم مما وصلنا إليه وما آلت إليه أحوالنا بعد أن كنّا خير أمة أخرجت للناس ).
بداية فلنتمعن جيدا في رد الحبيب المصطفى الموجز حين أجاب بإيجاز بليغ : (بل من كثرة ) فلم يسهب الرد ويقول مثلا : بل أنتم كُثر , ولم يقل : بل ستكونون كثرا, ووووو...
بل كان الإعجاز البلاغي هنا في الرد الموجز المفحم لينتفي كل ما عداه ويبقى هنا الجواب المعجز, فلم يحتاج لضمير ولم يحتاج لإثبات الحال بل مجرد جواب صغير عرف منه المعنى والمضمون ...
(ولكنكم غثاء كغثاء السيل ) هنا يأتي إيضاح السبب , فقوله عليه أفضل الصلاة والتسليم حين لم ينسب أمته إليه في قوله : (ولكنكم) دليل على مدى تألم الرسول وحزنه وغضبه من الحال الذي سنكون قد وصلنا إليه فلم يقل ( أمتى) وياء النسبة هنا ستكون أكثر حميمية وألفة, فكأنه (حبيبنا المصطفى) قد جال بالأمة الإسلامية اليوم فرأى ماوصلت إليه من الذل والهوان والإستسلام والخور العجيب والأهم بُعدُنا عن منهج الإسلام الحق وإضاعتنا لسنته عليه الصلاة والسلام (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ))النجم آية"3"
ومن المؤكد أن الضمير في ( ولكنكم) لم يقتصر على الصحابة رضوان الله عليهم وعلى نسلهم ولكن على كل من دان بدين الإسلام وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .
(غثاء كغثاء السيل) وهو من الغث أي الشيء الحقير المستحقر أو الذي لافائدة ترجى منه, ويأتي أيضا بمعنى : الزبد - زبد البحر أو زبد السيل – وفي آية : (( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ماينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال )) سورة الرعد آية"17" . وبالطبع لا فائدة ترجى من الزبد فهو يأتي ويختفي وليس له تأثير على شيء أبدا .
أو قد يأتي بمعنى : ما يجره السيل معه أثناء جريانه السريع من قُمام الأرض و أوساخه , وفي كل الحالات فمعناه واحد ومراده واضح كوضوح الشمس في وضح النهار فنحن المسلمين العرب في نظر الفجرة الكفرة مجموعة حثالة مُنحوا بقليل من الحظ قوة خارقة لايعرفون قدرها ( البترول ) "1"
وكما نرى المسلمين اليوم من أكثر أمم العالم كثافة بين بقية الأديان من : مسيحية ويهودية وبوذية ومجوسية و...و...الخ
اللهم ردنا الى دينك ردا جميلا