ﺍﻟﻌﺼﺮ
ﺍﻷﻭﻝ:
ﺍﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ
ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ
-648)
792ﻫـ.(
ﺍﻟﻌﺼﺮ
ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ:
ﺍﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ ﺍﻟﺠﺮﺍﻛﺴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﺟﻴﺔ -792)
923ﻫـ.(
ﻋﺼﺮ ﺍﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ 792 -648)ﻫـ
ﺍﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ: ﻫﻢ ﻣﻤﺎﻟﻴﻚ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ
ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻧﺠﻢ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﻳﻮﺏ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺜﺮ
ﻋﺪﺩﻫﻢ، ﻭﺯﺍﺩﺕ ﺗﻌﺪﻳﺎﺗﻬﻢ ﻓﻀﺞ ﻣﻨﻬﻢ
ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﻓﺒﻨﻰ ﻟﻬﻢ ﻗﻠﻌﺔ ﻓﻲ ﺟﺰﻳﺮﺓ
ﺍﻟﺮﻭﺿﺔ ﻋﺎﻡ 638ﻫـ، ﻓﻌُﺮِﻓُﻮﺍ ﺑﺎﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ
ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ.
ﺣﻜﻢ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ﻣﺼﺮ ﻣﺪﺓ
ﺃﺭﺑﻊ ﻭﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﻭﻣﺎﺋﺔ ﺳﻨﺔ -648)
792ﻫـ(، ﺑﺪﺃﺕ ﺑﺤﻜﻢ ﻋﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﻳﺒﻚ.
ﻭﻗﺪ ﺗﻤﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺃﺳﺮﺗﻴﻦ ﻓﻘﻂ،
ﻭﻫﻤﺎ ﺃﺳﺮﺓ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺑﻴﺒﺮﺱ ﺍﻟﺒﻨﺪﻗﺪﺍﺭﻱ،
ﻭﻗﺪ ﺩﺍﻡ ﺣﻜﻤﻬﺎ ﻣﺪﺓ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ
678 -658)ﻫـ.(
ﺃﻣّﺎ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﺃﺳﺮﺓ ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺭ
ﻗﻼﻭﻭﻥ، ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﻤﺮ ﺃﻣﺮﻫﺎ ﺃﺭﺑﻊ ﻋﺸﺮﺓ
ﻭﻣﺎﺋﺔ ﺳﻨﺔ 678) - 792ﻫـ( ﻭﺣﻜﻢ ﻫﻮ
ﻭﺃﻭﻻﺩﻩ ﻭﺃﺣﻔﺎﺩﻩ، ﻟﻢ ﻳﺘﺨﻠﻠﻬﺎ ﺳﻮﻯ
ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺧﺮﺝ ﺃﻣﺮ ﻣﺼﺮ ﻣﻦ
ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ، ﺇﺫ ﺗﺴﻠﻢ ﺍﻟﻌﺎﺩﻝ ﻛﺘﺒﻐﺎ ﻭﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺭ
ﻻﺟﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﻈﻔﺮ ﺑﻴﺒﺮﺱ ﺍﻟﺠﺎﺷﻨﻜﻴﺮ ﻭﻗﺪ
ﻗُﺘِﻞَ ﺛﻼﺛﺘﻬﻢ، ﺣﻜﻢ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺪﺓ
ﺃﺭﺑﻊ ﺳﻨﻮﺍﺕ 694) - 698ﻫـ( ﻭﺣﻜﻢ
ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﺎ ﻳﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ 709 -708)ﻫـ(
[1].
ﻋﺼﺮ ﺍﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ ﺍﻟﺠﺮﺍﻛﺴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﺟﻴﺔ
923 -792)ﻫـ
ﻣﻮﻃﻦ ﺍﻟﺠﺮﺍﻛﺴﺔ ﻫﻮ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻤﺸﺮﻓﺔ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻷﺳﻮﺩ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ
ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ، ﻭﺗﺸﻜﻞ ﺃﺭﺿﻬﻢ ﺍﻟﺠﺰﺀ
ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﻐﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻘﻔﻘﺎﺱ
ﺍﻟﻤﻤﺘﺪﺓ ﺑﻴﻦ ﺑﺤﺮﻱ ﺍﻷﺳﻮﺩ ﻭﺍﻟﺨﺰﺭ،
ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺮﻑ ﻳﻮﻣﺬﺍﻙ ﺑﺎﺳﻢ ﺑﻼﺩ
ﺍﻟﻘﻔﺠﺎﻕ، ﻭﻏﺪﺕ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺁﻧﺬﺍﻙ
ﻣﺴﺮﺣًﺎ ﻟﻠﺼﺮﺍﻉ ﺑﻴﻦ ﻣﻐﻮﻝ ﻓﺎﺭﺱ ﺃﻭ
ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﻳﻠﺨﺎﻧﻴﺔ، ﻭﻣﻐﻮﻝ ﺍﻟﻘﻔﺠﺎﻕ ﺃﻭ
ﺍﻷﺳﺮﺓ ﺍﻟﺬﻫﺒﻴﺔ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺟﻌﻞ
ﺃﻋﺪﺍﺩًﺍ ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺠﺮﺍﻛﺴﺔ ﺗﺪﺧﻞ ﺳﻮﻕ
ﺍﻟﻨﺨﺎﺳﺔ، ﻭﺗﻨﺘﻘﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﺼﺮ ﻓﺎﺷﺘﺮﻯ
ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺭ ﻗﻼﻭﻭﻥ ﺃﻋﺪﺍﺩًﺍ ﻣﻨﻬﻢ
ﻟﻴﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺻﺮﺍﻉ ﺍﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ،
ﻭﻟﻴﻀﻤﻦ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﻨﺔ ﻟﻪ
ﻭﻷﺑﻨﺎﺋﻪ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ، ﻭﻗﺪ ﺃﻃﻠﻖ ﻋﻠﻰ
ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ ﺍﻟﺠﺪﺩ ﺍﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ
ﺍﻟﺠﺮﺍﻛﺴﺔ ﻧﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﺻﻮﻟﻬﻢ ﺍﻟﺘﻲ
ﻳﻨﺘﻤﻮﻥ ﺇﻟﻴﻬﺎ، ﻛﻤﺎ ﺃﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﺳﻢ
ﺍﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ ﺍﻟﺒﺮﺟﻴﺔ ﻧﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻠﻌﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﻭﺿﻌﻮﺍ ﻓﻴﻬﺎ[2].
ﻟﻘﺪ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ ﺍﻟﺠﺮﺍﻛﺴﺔ ﻣﺼﺮ
ﻭﺍﻟﺸﺎﻡ ﻭﺍﻟﺤﺠﺎﺯ ﻣﺪﺓ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺇﺣﺪﻯ
ﻭﺛﻼﺛﻴﻦ ﻭﻣﺎﺋﺔ ﺳﻨﺔ -792) 923ﻫـ(
ﻭﺗﻌﺎﻗﺐ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺪﺓ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﺒﻌﺔ
ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻠﻄﺎﻧًﺎ، ﻟﻢ ﺗﺰﺩ ﻣﺪﺓ ﺍﻟﺤﻜﻢ
ﻋﻠﻰ ﺧﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﻋﺎﻣًﺎ، ﺇﻻ ﻷﺭﺑﻌﺔ ﻣﻨﻬﻢ
ﻭﻫﻢ: ﺍﻷﺷﺮﻑ ﻗﺎﻳﺘﺒﺎﻱ، ﻭﻗﺪ ﺣﻜﻢ 29
ﺳﻨﺔ 901 -872)ﻫـ(، ﻭﺍﻷﺷﺮﻑ ﻗﺎﻧﺼﻮﻩ
ﺍﻟﻐﻮﺭﻱ ﻭﻗﺪ ﺣﻜﻢ 17 ﺳﻨﺔ -906)
922ﻫـ(، ﻭﺍﻷﺷﺮﻑ ﺑﺮﺳﺒﺎﻱ ﻭﺣﻜﻢ 16
ﺳﻨﺔ -825) 841ﻫـ(، ﻭﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺟﻘﻤﻖ
ﻭﺣﻜﻢ 15 ﺳﻨﺔ 857 -842)ﻫـ.(
ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺳﺖ ﺳﻼﻃﻴﻦ ﺣﻜﻤﻮﺍ ﻋﺪﺓ
ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺃﻭ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ ﻭﻫﻢ: ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ
ﺑﺮﻗﻮﻕ ﻭﺣﻜﻢ ﺗﺴﻊ ﺳﻨﻮﺍﺕ -792)
801ﻫـ( ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﺧﻠﻊ
ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺭ ﺣﺎﺟﻲ، ﻭﺍﺑﻨﻪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﻓﺮﺝ ﻭﻗﺪ
ﺣﻜﻢ ﻣﺮﺗﻴﻦ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮﺓ ﺳﺒﻊ ﺳﻨﻮﺍﺕ
-801) 808ﻫـ( 808) - 815ﻫـ(،
ﻭﺍﻟﻤﺆﻳﺪ ﻭﺣﻜﻢ ﺗﺴﻊ ﺳﻨﻮﺍﺕ -815)
824ﻫـ(، ﻭﺍﻷﺷﺮﻑ ﺇﻳﻨﺎﻝ ﻭﺣﻜﻢ ﺳﺒﻊ
ﺳﻨﻮﺍﺕ -857) 865ﻫـ(، ﻭﺍﻟﻈﺎﻫﺮ
ﺧﺸﻘﺪﻡ ﻭﺣﻜﻢ ﺳﺒﻊ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺃﻳﻀًﺎ
872 -865)ﻫـ.(
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺴﻼﻃﻴﻦ ﺍﻟﺨﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮﺓ ﺍﻟﺒﺎﻗﻮﻥ
ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻣﺪﺓ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺃﻗﻞ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ
ﺑﻞ ﺇﻥ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻟﻢ ﺗﺰﺩ ﻣﺪﺓ ﺣﻜﻤﻪ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﺇﺫ ﺃﻥ ﺧﻴﺮ ﺑﻚ ﻗﺪ ﺗﺴﻠﻢ
ﺍﻟﺴﻠﻄﻨﺔ ﻣﺴﺎﺀً ﻭﺧُﻠِﻊَ ﺻﺒﺎﺣًﺎ ﻭﺫﻟﻚ ﻋﺎﻡ
872ﻫـ[3].
ﻭﻗﺪ ﺑﺮﺯ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﻤﻤﻠﻮﻛﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ
ﺳﻼﻃﻴﻦ ﺍﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ ﻛﺎﻥ ﻟﻬﻢ ﺩﻭﺭ ﻛﺒﻴﺮ
ﻓﻲ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺻﻔﺤﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ، ﻛﻤﺎ
ﺗﺮﻛﻮﺍ ﺑﺼﻤﺎﺕ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﻢ:
ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺑﻴﺒﺮﺱ
ﺍﺗﺼﻒ ﺑﻴﺒﺮﺱ ﺑﺎﻟﺤﺰﻡ ، ﻭﺍﻟﺒﺄﺱ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ،
ﻭﻋﻠﻮ ﺍﻟﻬﻤﺔ، ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻟﻨﻈﺮ، ﻭﺣﺴﻦ ﺍﻟﺘﺪﺑﻴﺮ،
ﻭﺍﺟﺘﻤﻌﺖ ﻓﻴﻪ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﻔﺮﻭﺳﻴﺔ
ﻭﺍﻹﻗﺪﺍﻡ، ﻓﻠﻢ ﻳﻜﺪ ﻳﺴﺘﻘﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ
ﺣﺘﻰ ﺍﺗﺨﺬ ﻋﺪﺓ ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺗﻬﺪﻑ ﺇﻟﻰ
ﺗﺜﺒﻴﺖ ﺃﻗﺪﺍﻣﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻣﻨﻬﺎ: ﺍﻟﺘﻘﺮﺏ
ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻣﺔ؛ ﺑﺘﺨﻔﻴﻒ ﺍﻟﻀﺮﺍﺋﺐ
ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ، ﻛﻤﺎ ﻋﻔﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﺠﻨﺎﺀ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻴﻦ، ﻭﺃﻓﺮﺝ ﻋﻨﻬﻢ، ﻛﻤﺎ ﻋﻤﻞ ﻋﻠﻰ
ﺍﻻﻧﻔﺘﺎﺡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻜﺴﺐ
ﻭﺩ ﺯﻋﻤﺎﺋﻪ[4].
ﻭﻗﺎﻡ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺮﻛﺎﺕ
ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﻀﺔ ﻟﺤﻜﻤﻪ، ﻭﺃﻋﺎﺩ ﺍﻷﻣﻦ
ﻭﺍﻟﺴﻜﻴﻨﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻼﺩ[5]. ﻭﺇﺿﺎﻓﺔً ﺇﻟﻰ
ﺫﻟﻚ، ﺃﻋﺎﺩ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ.
ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻮﻃﺪﺕ ﺩﻋﺎﺋﻢ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ،
ﻭﻗﻮﻳﺖ ﺷﻮﻛﺘﻬﻢ، ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ
ﺍﺗﺨﺬﻫﺎ "ﺑﻴﺒﺮﺱ"، ﺭﺃﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ
ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﻳﻦ
ﺍﻷﻳﻮﺑﻲ ﻭﺧﻠﻔﺎﺋﻪ ﻓﻲ ﻃﺮﺩ ﺍﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ،
ﻭﺇﺟﻼﺋﻬﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ
ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻷﻣﺮ ﺍﻟﺴﻬﻞ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻟﺰﺍﻣًﺎ ﻋﻠﻴﻪ
ﺃﻥ ﻳﺠﺎﺑﻪ ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ
ﻭﻫﻲ ﺃﻧﻄﺎﻛﻴﺔ، ﻭﻃﺮﺍﺑﻠﺲ، ﻭﺍﻟﺠﺰﺀ
ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﻣﻦ ﻣﻤﻠﻜﺔ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ، ﻭﺣﺘﻰ
ﻳﺤﻘﻖ ﻫﺪﻓﻪ ﺍﺗﺒﻊ ﺇﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ
ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﺏ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ
ﺗﻠﻮ ﺍﻷﺧﺮﻯ، ﻭﻟﻢ ﺗﻨﻘﺾِ ﺳﻨﺔ ﻣﻦ
ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﺑﻴﻦ ﻋﺎﻣﻲ
) -659 669ﻫـ/ -1261 1271ﻡ( ﺩﻭﻥ
ﺃﻥ ﻳﻮﺟﻪ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺣﻤﻠﺔ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﺃﻭ ﻛﺒﻴﺮﺓ،
ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻨﺘﺼﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮﺓ[6].
ﺗُﺘَّﻬﻢ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﻤﻠﻮﻛﻴﺔ ﻛﺜﻴﺮًﺍ ﺑﺎﻟﻀﻌﻒ
ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ، ﻭﺍﻟﻬﺰﺍﻝ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ،
ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻳُﻜﺬِّﺏ ﺫﻟﻚ؛ ﻓﻘﺪ
ﻛﺎﻥ ﻟﻔﻨﻮﻥ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﻣﻜﺎﻥ ﻋﺰﻳﺰ ﻋﻨﺪ
ﺍﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ؛ ﻓﻤﻦ ﺫﻟﻚ ﺟﻬﻮﺩﻫﻢ ﺍﻟﺘﻲ
ﻗﺎﻣﻮﺍ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ:
ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺍﻟﺠﻬﺎﺯ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ
ﺣﺮﺹ ﺳﻼﻃﻴﻦ ﺍﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ ﻋﻠﻰ ﺗﻄﻮﻳﺮ
ﺍﻟﺠﻬﺎﺯﻳﻦ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ،
ﻓﺎﺳﺘﺤﺪﺙ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺑﻴﺒﺮﺱ ﺑﻌﺾ
ﺍﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﻷﻥ ﺍﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﺍﻟﺘﻲ
ﻋﺮﻓﻬﺎ ﺍﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ ﻭﺃﺧﺬﻭﻫﺎ ﻋﻦ ﺍﻷﻳﻮﺑﻴﻴﻦ
ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻻ ﺗﻔﻲ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻵﺧﺬﺓ
ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﻭﺍﻟﺘﻮﺳﻊ ﻓﺄﻧﺸﺄ ﻭﻇﺎﺋﻒ
ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻣﻦ
ﻗﺒﻞ ﻳﺸﻐﻠﻬﺎ ﺃﻣﺮﺍﺀ ﻳﻌﻴﻨﻬﻢ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻣﻦ
ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺜﻖ ﺑﻬﻢ.
ﺗﻌﺪﻳﻞ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ
ﻛﺎﻥ ﻳﺘﻮﻟﻰ ﻣﻨﺼﺐ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ
ﺍﻷﻳﻮﺑﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺃﻋﻤﺎﻝ
ﺍﻟﺪﻳﺎﺭ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ، ﻗﺎﺽ ﻭﺍﺣﺪ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻭﻟﻪ ﺣﻖ ﺗﻌﻴﻴﻦ ﻧﻮﺍﺏ
ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ، ﻭﺃﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻴﻦ
ﻗﺎﺽ ﻟﻠﻘﺎﻫﺮﺓ ﻭﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺒﺤﺮﻱ. ﻭﻇﻞ
ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﻋﺎﻡ660)ﻫـ/
1262ﻡ.( ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻳﻄﻮﺭ
ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻲ ﺣﺘﻰ ﺛﺒﺘﻪ ﻭﺟﻌﻠﻪ ﻣﺒﺪﺃ
ﺭﺳﻤﻴًّﺎ ﻓﻲ )ﺷﻬﺮ ﺫﻱ ﺍﻟﺤﺠﺔ ﻋﺎﻡ
663ﻫـ/ ﺷﻬﺮ ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻷﻭﻝ ﻋﺎﻡ
1265ﻡ(، ﻓﻌﻴﻦ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻗﻀﺎﺓ ﻳﻤﺜﻠﻮﻥ
ﺍﻟﻤﺬﺍﻫﺐ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﻭﺳﻤﺢ ﻟﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﻨﻮﺍ
ﻧﻮﺍﺑًﺎ ﻋﻨﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﺎﺭ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ. ﻓﻜﺎﻥ
ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﺑﻦ ﺑﻨﺖ ﺍﻷﻋﺰ ﻳﻤﺜﻞ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ
ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ، ﻭﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺻﺪﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ
ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻳﻤﺜﻞ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﺍﻟﺤﻨﻔﻲ،
ﻭﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺷﺮﻑ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ
ﻳﻤﺜﻞ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻲ، ﻭﺍﻟﻘﺎﺿﻲ
ﺷﻤﺲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻘﺪﺳﻲ ﻳﻤﺜﻞ ﻗﻀﺎﺀ
ﺍﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ، ﻭﻓﻌﻞ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺩﻣﺸﻖ.
ﻭﺳﻦ ﺑﻴﺒﺮﺱ ﻋﺪﺓ ﺗﺸﺮﻳﻌﺎﺕ ﻟﺘﻬﺬﻳﺐ
ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ ﻟﻌﻞ ﺃﻫﻤﻬﺎ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ
ﺃﺻﺪﺭﻩ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 664)ﻫـ/ 1266ﻡ(
ﻭﻣﻨﻊ ﺑﻤﻮﺟﺒﻪ ﺑﻴﻊ ﺍﻟﺨﻤﻮﺭ، ﻭﺃﻗﻔﻞ
ﺍﻟﺤﺎﻧﺎﺕ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻭﺑﻼﺩ ﺍﻟﺸﺎﻡ، ﻭﻧﻔﻰ
ﻛﺜﻴﺮًﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﺴﺪﻳﻦ[7].
ﺍﻟﻤﻨﺸﺂﺕ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻧﻴﺔ
ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﻣﻨﺸﺂﺗﻪ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻧﻴﺔ:
- ﺟﺪﺩ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺤﺮﻡ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ.
- ﺟﺪﺩ ﺑﻨﺎﺀ ﻗﺒﺔ ﺍﻟﺼﺨﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺪﺱ، ﺑﻌﺪ
ﺃﻥ ﺗﺪﺍﻋﺖ ﺃﺭﻛﺎﻧﻬﺎ.
- ﺃﻋﺎﺩ ﺍﻟﻀﻴﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻮﻗﻒ ﺍﻟﺨﻠﻴﻞ ﻓﻲ
ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ، ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺩﺧﻠﺖ ﻓﻲ ﺍﻹﻗﻄﺎﻉ،
ﻭﻭﻗﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺮﻳﺔ ﺍﺳﻤﻬﺎ ﺑﺈﺫﻧﺎ.
- ﺑﻨﻰ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﺼﺮﻳﻦ،
ﻭﻋﻴﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻷﺳﺎﺗﺬﺓ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ
ﻣﺪﺭﺱ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﺣﺐ ﻣﺠﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ
ﺍﻟﻌﺪﻳﻢ، ﻭﻣﺪﺭﺱ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺗﻘﻲ
ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﺭﺯﻳﻦ، ﻭﻭﻟﻰ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺷﺮﻑ
ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺍﻟﺪﻣﻴﺎﻃﻲ ﻣﺸﻴﺨﺔ
ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺤﻠﺒﻲ
ﻣﺸﻴﺨﺔ ﺍﻟﻘﺮَّﺍﺀ.
- ﺑﻨﻰ ﻣﺴﺠﺪﻩ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﺑﺎﺳﻤﻪ ﻓﻲ
ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻷﺯﻫﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.
- ﺑﻨﻰ ﻣﺸﻬﺪ ﺍﻟﻨﺼﺮ ﻓﻲ ﻋﻴﻦ ﺟﺎﻟﻮﺕ
ﺗﺨﻠﻴﺪًﺍ ﻟﺬﻛﺮﻯ ﺍﻻﻧﺘﺼﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻐﻮﻝ.
- ﺟﺪﺩ ﺃﺳﻮﺍﺭ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ
- ﺃﻋﺎﺩ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻘﻼﻉ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﺪﻣﻬﺎ ﺍﻟﻤﻐﻮﻝ
ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﻣﺜﻞ ﻗﻠﻌﺔ ﺩﻣﺸﻖ، ﻗﻠﻌﺔ
ﺍﻟﺼﻠﺖ، ﻗﻠﻌﺔ ﻋﺠﻠﻮﻥ ﻭﻏﻴﺮﻫ