بدء خلق السماوات والارض

بَدْءُ خَلْقِ السماواتِ والأرض

خُلِقَتِ الأرضُ يومَ الأحدِ والإثنينِ، ثمَّ خُلِقَتِ السماواتُ في اليومينِ التاليَينِ الثلاثاءِ والأربعاء.. ثمَّ خُلِقَتِ البهائمُ والأشجارُ الخميسَ والجُمُعَةَ.. ثمَّ دُحِيَتِ الأرضُ.. والدَّحْوُ هو البَسْطُ بأن خَلَقَ اللهُ فيها الأشجارَ والأنهارَ وسائرَ المرافِق.. وذلك معنى قولِ الله تعالى في سورةِ النازعات ((والأرضَ بعد ذلكَ دحاها)).. وليس معنى الدَّحْوِ أنَّ الله جَعَلَهَا كرويَّة، هذا التفسيرُ لا يوافقُ اللغة.. ثمَّ خُلِقَ ءادمُ ءاخِرَ يومِ الجُمُعَةِ.. وكلُّ يومٍ مِن هذِه الأيامِ السِّتَّةِ التي خُلِقَتْ فيها السماواتُ والأرضُ قَدْرُ ألفِ سنةٍ بتقديرِ أيامِنا هذِه.. وكلُّ شيءٍ ينتفعُ بهِ بنو ءادمَ خُلِقَ قبلَ ءادمَ.. البهائمُ خُلِقَتْ لننتفعَ بها وكذلك الطيورُ..ا

.

وليس معنى قولِ الله تعالى في سورة الغاشية ((وإلى الأرضِ كيف سُطِحَتْ)) أنَّ الأرضَ ليست شبيهةً بالكرة، بل الأرضُ لها شَبَهٌ بالكُرَةِ وهي واسعة.. الأرضُ شبيهةٌ بالكرة، ولا ينافي هذا الأمرُ كونَها مسطوحة.. لأنَّ معنى مسطوحة موسَّعة..ا

.

رَوَى البُخَارِيُّ في (صحيحهِ) عن ابنِ عَبَّاسٍ أنَّه قال :[[خَلَقَ اللهُ الأرضَ في يومينِ، ثمَّ خَلَقَ السماءَ، ثمَّ استوى إلى السماءِ فسَوَّاهُنَّ في يومينِ ءاخَرَيْنِ، ثمَّ دحا الأرضَ، ودَحْوُها أن أخرجَ منها الماءَ والمرعى وخَلَقَ الجبالَ والآكامَ وما بينَهما في يومينِ ءاخَرَيْنِ.. فذلك قولُ الله تعالى في سورة النازعات ((دحاها)) وقولُه في سورةِ فُصِّلَتْ ((خَلَقَ الأرضَ في يومين)).. فجُعِلَتِ الأرضُ وما فيها مِن شيءٍ في أربعةِ أيّامٍ وخُلِقَتِ السماواتُ في يومين]]ا

.

يقولُ الله تعالى في سورة النازعات ((ءأنتم أشَدُّ خَلْقًا أمِ السماء، بناها.. رَفَعَ سَمْكَهَا فسوّاها))..ا

وقال البُخَارِيُّ في[(صحيحه)/كتاب بَدْءِ الخَلْقِ]ما نصُّه :[[قولُه تعالى ((سَمْكَها)) أي بناءَها الحُبُكُ استِواؤُها وحُسْنُهَا]]انتهى..ا

.

السماواتُ التي خلقها الله عظيمةُ الخِلْقَةِ تدلُّ على عَظَمَةِ قدرةِ البارئ عزَّ وجلَّ.. فسَمْكُ السماءِ الواحدةِ مسيرةُ خَمْسِمِائَةِ عامٍ، وكلُّها مشحونةٌ بالملائكةِ الذين يعبُدون اللهَ ويقدِّسونه ولا يفتُرون عن ذكره.. وقد ورد أنَّ المسافةَ التي ما بينَ سماءٍ وسماءٍ مسيرةُ خَمْسِمِائَةِ عام..

وكذلك المسافةُ ما بين أرضٍ وأرض.. والمسافةُ التي بينَ السماءِ والأرضِ مسيرةُ خَمْسِمِائَةِ سنةٍ أيضًا..ا

.

فالسماواتُ السبعُ متراكبةٌ بعضُها فوقَ بعضٍ، وكلُّ واحدةٍ منفصلةٌ عن الأخرى، وكذلك الأراضي السبع... يقولُ الله تعالى في سورة نوح ((ألَمْ تَرَوْا كيفَ خَلَقَ اللهُ سبعَ سماواتٍ طِبَاقًا))..ا

ويقولُ سبحانَه أيضًا في سورة النبأ ((وبنينا فوقَكم سبعًا شِدَادًا)).. أي أنَّ السماواتِ السبعَ شديدةٌ عظيمةُ الخِلْقَةِ في اتِّساعها وارتفاعِها وإحكامِها وإتقانِها..ا

يقولُ الله تعالى في سورةِ الطلاق ((اللهُ الذي خَلَقَ سبعَ سماواتٍ ومِنَ الأرضِ مِثْلَهُنَّ))..ا
كلُّ سماءٍ منفصلةٌ عن الأخرَى بفراغٍ واسع... وكلُّ أرضٍ منفصلةٌ عن الأخرَى بفراغٍ واسع... وكلُّ واحدةٍ فوقَ الأخرَى..ا

.

وأمَّا قولُ الله تعالى في سورة يس ((والقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ منازلَ حتَّى عاد كالعُرْجُونِ القديم)) فالعُرْجُونُ هو عِذْقُ النخل، وهو شيءٌ في أعلى النخل فإنَّه إذا مَضَى عليهِ زمانٌ ييبسُ فيتقوَّس.. والقَمَرُ في ءاخِره يصيرُ بهيئةِ ذلك.. ومعنى القديمِ في هذِه الآيةِ الذي مَضَى عليهِ زمانٌ طويل..ا

وللقمرِ وجه وقفا، فوجهُه إلى السماءِ وقفاهُ إلى الأرض.. والله مكَّنه من أن يضيءَ السماواتِ السبعَ..ا

يقولُ الله تعالى في سورة نوح ((ألَمْ تَرَوْا كيفَ خَلَقَ اللهُ سبعَ سماواتٍ طِبَاقًا.. وجعَل القَمَرَ فيهِنَّ نورًا وجعل الشمسَ سراجًا))..ا

.

ولم يثبُت في الشرع ما يمنعُ من تصديق من يزعُم من البشرِ أنَّه وصل إلى القمرِ..ا

.

فإن قيل :[[لِمَ خَلَقَ الله السماواتِ والأرضَ في سِتَّةِ أيّامٍ ولم يخلُقْها في أقلَّ من ذلك وهو القادرُ على ذلك؟]]ا

فالجواب أن يقال :[[لحكمةٍ يعلمُها الله]]ا

وقد تكون الحكمةُ أن نتعلَّم أنّ الحكمةَ في التأنِّي في الأمور..ا

والحمدُ للهِ رَبِّ العالَمين..ا

--------------------------------------------------------