العطاس من الله والتثاؤب من الشيطان

العُطَاسُ من اللهِ والتثاؤبُ من الشيطان

ورد عن رسول الله، صلَّى الله عليه وسلَّم، أنَّه يستحبُّ لمَن عطَس أن يقول {{الحمد لله على كلِّ حال}}، وأن يُشَمِّتَ المسلمُ أخاه إذا سَمِعَهُ يحمَد اللهَ بأن يقولَ له {{يرحمُك الله}} وأن يَرُدَّ العاطسُ على المشمِّت بقول {{يَهْديكُمُ اللهُ ويُصْلِحُ بالَكم}}ا

وهو حديث صحيح، رواه أبو داودَ في (سننه)..ا

ا[[الحمد لله على كلِّ حال]] معناه : إن أصابنا بَسْطٌ ورَخاءٌ فالله يستحقُّ أن يُحْمَدَ، وإن أصابَنا بلاءٌ ومرضٌ فالله يستحقُّ أن يُحْمَدَ..ا

قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم :[[(العُطَاسُ من الله والتثاؤبُ من الشيطان.. فإذا تثاءبَ أحدُكم فليضع يدَه على فيه.. وإذا قال ءاه ءاه فإنَّ الشيطانَ يضحكُ من جوفه.. وإنَّ الله يُحِبُّ العُطاسَ ويَكْرَهُ التثاؤبَ.. فإذا قال الرجل ءاه ءاه إذا تثاءب فإنَّ الشيطانَ يضحكُ في جوفه)]]ا

رواه التِّرْمِذِيُّ في (سننه) وصَحَّحَهُ..ا

ورواه الإمامُ مسلمٌ في (صحيحه) بلفظ :[[(التثاؤبُ من الشيطان فإذا تثاءب أحدُكم فليكظِم ما استطاع)]]ا

وفي روايةٍ عند البخاريِّ :[[(فلْيَرُدَّهُ ما استطاع)]]ا

ولأنَّ العُطَاسَ، غيرَ الناشئِ عن مرض، ينشأ عنه النشاط، قال رسول الله :[[(العُطَاسُ من الله وإنَّ الله يُحِبُّ العُطَاسَ)]]ا

ولأنَّ التثاؤبَ يُوْرِثُ الكسلَ الذي يفرِّح الشيطانَ قال رسولُ الله :[[(التثاؤبُ من الشيطان)]]ا

قال النوويُّ :[[أضيف التثاؤبُ إلى الشيطانِ لأنَّ التثاؤبَ في الغالب ينشأ عن التوسُّع في المأكل، وهذا مذمومٌ لأنَّه يفتِّر عن الطاعة]]ا

وقال الخَطَّابِيُّ :[[معنى المحبَّةِ والكراهةِ فيهما منصرف إلى سببهما.. وذلك أنَّ العُطَاسَ يكون من خِفَّةِ البدن وانفتاحِ المسامِّ وعدمِ الغايةِ في الشِّبَعِ.. وهو بخلاف التثاؤب، فإنَّه يكون من عِلَّةِ امتلاءِ البدن وثِقْلهِ مِمَّا يكون ناشئًا عن كَثْرَةِ الأكلِ والتخليطِ فيه.. والأوَّلُ يستدعي النشاطَ والثاني على عكسه]]ا

عن أبي ذَرٍّ الغِفَارِيِّ عن رسول الله، صلَّى الله عليه وسلَّم، أنَّه قال :[[(لا تَحْقِرَنَّ من المعروفِ شيئًا ولو أن تَلْقَى أخاك بوجهٍ طَلْقٍ)]]ا

رواه مسلمٌ في (صحيحه)..ا
وروى البخاريُّ في (صحيحه) عن رسول الله، صلَّى الله عليه وسلَّم، أنَّه قال :[[(اتَّقُوا النارَ ولو بشِقِّ تمرة)]]ا

معناه : المسلم إذا تصدَّق بصَدَقَةٍ من مالٍ حلالٍ مُخْلِصًا لله ولو كانت صَدَقَتُهُ بعضَ تمرةٍ واحدةٍ فإنَّ الله قد يُعْتِقُه من النار بسبب ذلك..ا

وفي (صحيح البخاريِّ) أيضًا عن أنَسِ بنِ مالكٍ أنَّه قال :{{عطَس رجلانِ عند النبيِّ، صلَّى الله عليه وسلَّم، فشمَّت أحدَهما ولم يشمِّت الآخَرَ، فقال الرَّجُلُ :[[يا رسولَ الله شَمَّتَّ هذا ولم تشمِّتني]]، فقال عليه الصلاة والسلام :[[(إنَّ هذا حمِد اللهَ ولم تحمَد اللهَ)]]..}}انتهت روايةُ أنَسِ بنِ مالك..ا

والرَّجُلانِ هما عامرُ بنُ الطُّفَيْلِ وابنُ أخيه.. والذي حمِد اللهَ هو ابنُ الأخِ..ا

وقولُ أنَس :{{فشَمَّتَ أحدَهما}} معناه : قال لأحدِهما :[[يرحمُك الله]]ا

وتشميت العاطسِ معناه الدعاءُ له بخير.. وكلُّ داعٍ بخير هو مشمِّت..ا

وقول أنَس :{{ولم يشمِّت الآخَرَ}} معناه لم يَدْعُ له..ا

والذي قال للنبيِّ :[[ولم تشمِّتني]] هو عامرُ بنُ الطُّفَيْلِ..ا

وقد روى مسلم في (صحيحه) من حديثِ أبي موسى عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم :[[(إذا عطَس أحدُكم فحمِد اللهَ فشمِّتوه، فإن لم يحمَد اللهَ فلا تشمِّتوه)]]ا

قال الفقهاء :[[يستحبُّ لمَن حضَر العاطسَ الذي لم يحمَد اللهَ أن يُذَكِّرَهُ الحَمْدَ ليحمَد اللهَ تعالى فيُشَمِّتَه]]..ا

قال الحافظُ ابنُ حَجَرٍ في (الفتح) :{{أخرج ابنُ عبدِ البَرِّ بسندٍ جيِّد عن أبي داودَ صاحبِ (السنن) أنَّه كان في سفينةٍ فسمِع عاطسًا على الشَّطِّ حمِد اللهَ تعالى فاكترى ــ أي استأجر ــ زورقًا بدرهمٍ حتّى جاء إلى العاطس فشمَّته، فسئل عن ذلك، فقال :[[لعلَّه كان مجابَ الدعوة]].. فلمَّا رقَدوا سمِعوا قائلًا يقول :[[يا أهلَ السفينةِ إنَّ أبا داودَ اشترى الجَنَّةَ من الله تعالى بدرهم]]..}}انتهى كلامُ الحافظِ ابنِ حَجَرٍ في كتابه[(فتح الباري)/كتاب الأدب]..ا

والحمد للهِ رَبِّ العالَمين..ا

--------------------------------------------------------