اشراط الساعه

أشراطُ الساعة

يقولُ الله تعالى في سورةِ محمَّد (( فهل يَنْظُرُونَ إلّا الساعةَ أن تأتيَهم بَغْتَةً فقد جاء أشراطُها ))، أي علاماتُها..ا

اعلم، رحمك الله، أنَّ القيامةَ لا تقومُ حتَّى تكتمِل أشراطُ الساعةِ الصغرى والكبرى، أي حتَّى تظهَر علاماتُ يومِ القيامة جميعُها..ا

.

فأمَّا العلاماتُ الصغرى فمنها ما أخبر الرسولُ عنها في الحديثِ الصحيح.. فقد روى مسلمٌ أنَّ جبريلَ سأل رسولَ الله عن علاماتِ الساعةِ فقال :[[(أنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا ــ أي سَيِّدَتَهَا ــ وأن تَرَى الحُفَاةَ العُرَاةَ العالةَ رِعاءَ الشَّاءِ يتطاولونَ في البنيان)]].. وهذا حصل..ا

.

ومن علاماتِ الساعةِ الصغرى : زوالُ جبالٍ عن مَراسيها، وكَثْرَةُ الزلازلِ في الأرض، وكَثْرَةُ الأمراضِ التي ما كان يعرفها الناسُ سابقًا، وكَثْرَةُ الدَّجَّالينَ وخطباءِ السُّوء، وإعجابُ كلِّ ذي رأيٍ برأيه، وادِّعاءُ أناسٍ النبوَّة، وتغيُّر أحوالِ الهواء، ففي الصيفِ يصير الجَوُّ كأنَّه الشتاءُ وفي الشتاءِ يصير الجَوُّ كأنَّه الصيفُ.. ومنها أيضًا قِلَّةُ العِلم، وكَثْرَةُ الجهل بعلم الدين، وكَثْرَةُ القتل، وانتشارُ الظلم، وتقاربُ الزمان، وتقاربُ الأسواق، وتداعي الأممِ على أمَّةِ مُحَمَّدٍ كتداعيهم على قصعةِ الطعام يحيطون بهم من كلِّ صوب.. وهذا كلُّه حصل..ا

.

عن أَنَسِ بنِ مالكٍ، رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله، صلَّى الله عليه وسلَّم، قال :[[(إنَّ مِنْ أشراطِ الساعةِ أن يُرْفَعَ العلمُ ويَثْبُتَ الجهلُ ويُشْرَبَ الخمرُ، ويَظْهَرَ الزِّنا)]]ا

.

ومن علاماتِ الساعةِ الصغرى أيضًا ما أخبر عنه النبيُّ في حديثهِ الذي قال فيه :[[(صِنْفانِ من أهلِ النار لم أَرَهُمَا ــ أي سيأتون من بعدي ــ قومٌ معهم سِيَاطٌ كأذنابِ البقر يضرِبون بها الناسَ)]]، ثمَّ قال :[[ونساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ مُمِيلاتٌ مائلات]]، أي أنَّهُنَّ يَلْبَسْنَ ثيابًا لا تستُر جميعَ العورةِ وأنَّهُنَّ مائلاتٌ عن طاعةِ اللهِ ويُمِلْنَ غَيْرَهُنَّ عن طاعةِ الله، أي فاجراتٌ يُوقِعْنَ الرجالَ في الزنا.. ثمَّ قال :[[(رُؤُوسُهُنَّ كأسنمةِ البُخْتِ المائلةِ)]]، معناهُ يَرْفَعْنَ رُؤُوسَهُنَّ ليُعْجَبَ الناسُ بهِنَّ، أو يَمْشِينَ مِشْيَةً خاصَّةً يُمَيَّزْنَ بها عن غَيْرِهِنَّ.. وهذا حصَل في بعضِ ما مضى من الزمن.. وليس هذا الحديثُ منطبقًا تمامَ الانطباقِ على اللاتي يَكْشِفْنَ شيئًا من عوراتهنَّ، بل أولئك يَزِدْنَ على ذلك أنَّهُنَّ زانياتٌ.. أخبَر الرسولُ عَنْهُنَّ في تتمَّةِ الحديثِ أنَّهُنَّ لا يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ ولا يَجِدْنَ ريحَها وإنَّ ريحَها ليوجد من مسيرةِ كذا وكذا.. وهذا أيضًا حصل..ا

والحديثُ رواه مسلمٌ في[(صحيحه)/كتاب اللباس والزينة/باب النساءِ الكاسياتِ العاريات]..ا

.
وءاخِرُ العلاماتِ الصغرى ظهورُ الْمَهْدِيِّ عليه السلام.. وظهورُه ثابتٌ في الحديثِ الصحيحِ الذي رواه ابنُ حِبَّانَ في (صحيحه) وأبو داودَ في (سننه) والتِّرْمِذِيُّ في (جامعه) والحاكمُ في (المستدرَك)..ا

قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم :[[(لا تقومُ الساعةُ حتَّى يَمْلِكَ العَرَبَ رَجُلٌ من أهلِ بيتي يُواطِئُ اسمُه اسمي واسمُ أبيه اسمَ أبي فيملؤها ــ أي الأرضَ ــ قِسْطًا وعدلًا كما مُلِئَتْ ظلمًا وجَوْرًا)]]ا

فالْمَهْدِيُّ، عليه السلام، اسمُه مُحَمَّدُ بنُ عبدِ الله، وهو حَسَنِيٌّ أو حسينيٌّ من وَلَدِ فاطمةَ رضي الله عنها.. وقد ورد في الأثر أنَّه يسير معه في أوَّلِ أمرِه مَلَكٌ ينادي :[[يا أيُّها الناسُ، هذا خليفةُ اللهِ الْمَهْدِيُّ فاتَّبعوه]]ا

.

وورد في الأثرِ أيضًا أنَّ أوَّلَ خروج الْمَهْدِيِّ يكونُ من المدينةِ المنوَّرة ويخرج معه ألفٌ من الملائكةِ يُمِدُّونَهُ، ثمَّ يذهبُ إلى مَكَّةَ، وهناك ينتظرُه ثَلاثُمِائَةٍ من الأولياءِ هم أوَّلُ من يبايعُه، ثمَّ يخرُج جيشٌ لغزوه فيخسِف الله بذلك الجيشِ الأرضَ فيما بين مَكَّةَ والمدينةِ المنوَّرة.. ثمَّ بعد ذلك يأتي الْمَهْدِيُّ إلى بَرِّ الشام.. وفي أيَّامهِ تحصُل مجاعة، والمؤمن الكاملُ في ذلك الوقتِ يشبع بالتسبيح والتقديس أي بذِكر الله وتعظيمهِ..ا

.

وأشراطُ الساعةِ الكبرى عشَرة، وهي : خروجُ الدَّجَّالِ، ونزولُ المسيح، وخروجُ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ، وطلوعُ الشمس من مغربها، وخروجُ دابَّةِ الأرض، ثمَّ بعد ذلك لا يقبلُ اللهُ مِنْ أحدٍ توبة.. وهاتانِ العلامتان، طلوعُ الشمس من مغربها وخروجُ دابَّةِ الأرض، تحصُلان في يومٍ واحدٍ بين الصبح والضحى.. ودابَّةُ الأرضِ هذه تكلِّم الناسَ وتميِّز المؤمنَ من الكافر ولا يستطيعُ أحد منهم أن يهرب منها..ا

يقولُ الله تعالى في سورة النمل ((وإذا وقع القولُ عليهم أخرجنا لهم دابَّةً من الأرضِ تُكَلِّمُهُمْ أنَّ الناسَ كانوا بئاياتنا لا يوقنون))..ا

ثمَّ بعد ذلك ينزل دُخَانٌ من السماءِ وينتشر في الأرض..ا

يقول الله تعالى في سورة الدُّخَانِ ((فارتقِب يومَ تأتي السماءُ بدُخَانٍ مبين.. يَغْشَى الناسَ، هذا عذابٌ أليم))..ا

الكُفَّارُ يموتون من شِدَّةِ هذا الدُّخَان، وأمَّا المسلمُ فيكون عليه كالزكام..ا

ومن علاماتِ الساعةِ الكبرى ثلاثةُ خُسُوفٍ : خسفٌ في المشرق وخسفٌ في المغربِ وخسفٌ في جزيرة العرب.. والخسفُ معناه انشقاقُ الأرضِ وبَلْعُ مَنْ عليها.. وهذه الخُسُوفُ الثلاثةُ لا تأتي إلّا بعد خروج الدَّجَّالِ ونزولِ المسيح عيسى، عليه السلام، وتقعُ في أوقاتٍ متقاربة.. ويحتمِل أن تقع هذه الخُسُوفُ الثلاثةُ في ءانٍ واحد.. وءاخِرُ علاماتِ الساعةِ نارٌ تخرُج من قعر عَدَنٍ تسوقُ الناسَ إلى المغرب.. وعَدَنٌ أرضٌ باليمن..ا

.

والآن نسرد بعضَ تفاصيلِ هذه العلاماتِ والتي منها خروج الدَّجَّالِ، ويقالُ له المسيحُ الدَّجَّالُ، ويقال له أيضًا المسيح الكذّاب.. وسمِّي بالمسيح لأنَّه يُكْثِرُ السياحةَ في الأرض، فهو يطوفُ الأرضَ في نحوِ سنةٍ وثلاثةِ أشهر، يَسِيحُ في الأرضِ إلى كلِّ الجهاتِ بقدرة الله تعالى إلّا مَكَّةَ والمدينةَ المنوَّرة فلا يستطيعُ أن يدخلَهما.. وقد ثبَت أنَّ الدَّجَّالَ يأتي المدينةَ المنوَّرة فيجد على كلِّ نَقْبٍ من أنقابها مَلَكًا معه سيف مسلط فيَفِرُّ..ا

.

والدَّجَّالُ يسهِّل اللهُ له التنقُّل في الأرضِ بطريقٍ غريب، فيُضِلُّ الناسَ ويقولُ لهم :[[أنا ربُّكم]]،، ويُظْهِرُ لهم تمويهاتٍ، فيؤمِن به اليهودُ وبعضُ الذين كَتَبَ اللهُ عليهم الشقاوةَ من غير اليهود.. فلكَثرة سياحتهِ في الأرض يسمَّى المسيح، ولأنَّه كافرٌ يُضِلُّ الناسَ سُمِّيَ الدَّجَّالَ..ا

.
والله تعالى يفتِن بالدَّجَّالِ بعضَ الخَلْقِ.. فالذين يؤمنون به ييسِّر اللهُ لهم الأرزاقَ ويوسِّع عليهم الرزقَ في الوقتِ الذي يَسِيحُ فيه الدَّجَّالُ في الأرض.. وأمَّا المسلمونَ المؤمنونَ باللهِ ورسولهِ المكذِّبون للدَّجَّالِ الثابتون مَعَ الْمَهْدِيِّ فتحصُل لهم مجاعة، فيُعينهم اللهُ بالتسبيح والتقديس، وهذا يقومُ مقامَ الأكلِ فلا يضرُّهم الجوع..ا

وأثناءَ وجودِ الدَّجَّالِ بين الناس ينزِل نبيُّ اللهِ عيسى ابنُ مريمَ من السماءِ فيلتقي الْمَهْدِيَّ ويحكُم بشريعةِ القرءان ويتعقَّب الأعورَ الدَّجَّالَ فيدركُه في فِلَسْطينَ فيقتلُه بباب لُدٍّ.. و[[لُدٌّ]] قرية من قرى فِلَسْطينَ.. وبعد ذلك يصير رخاءٌ كبير.. ويَلْقَى الْمَهْدِيُّ عيسى أوَّلَ نزوله.. ويقدِّم نبيُّ الله عيسى الْمَهْدِيَّ أوَّلَ ما يلقاه ليُصَلِّيَ به وبالمؤمنينَ إمامًا، وذلك إظهارًا لكرامةِ أمَّةِ مُحَمَّدٍ وإشارةً إلى أنَّه إنَّما ينزل ليطبِّق شريعةَ مُحَمَّدٍ، صلَّى الله عليه وسلَّم، في الأرض..ا

.

والأعورُ الدَّجَّالُ رجلٌ من بني ءادمَ، والظاهر أنَّه من بني إسرائيلَ.. عظيمُ الجسد، إحدى عينيه طافيةٌ كالعِنَبَةِ والأخرى ممسوحة، ولذلك يقالُ له الأعور.. وهو الآن محبوسٌ في جزيرةٍ في البحر.. الملائكةُ حبسوه هناك.. وهذه الجزيرةُ ليست معروفة، وإنَّما الصحابيُّ تميمُ بنُ أوسٍ رءاه واجتمع به عِيانًا، رَكِبَ ومَنْ معه السفينةَ فتاهت بهم السفينةُ شهرًا وابتعدت.. ثمَّ وصلوا إلى جزيرة، فاجتمعوا به مُكَبَّلًا بالسلاسل.. فكلَّمهم باللسانِ العربيِّ وعرَّفهم بنفسه، وسألَهم عن أشياءَ : هل صار كذا، هل صار كذا.. وسألَهم عن رسولِ الله، صلَّى الله عليه وسلَّم : هل ظهر النبيُّ العربيُّ؟.. ثمَّ نزَل الوحيُ على رسولِ الله بمِثل ما رأى هذا الصحابيُّ من الدَّجَّالِ..ا

.

وقبل ظهور الدَّجَّالِ بثلاثِ سنوات تُمْسِكُ السماءُ ثُلُثَ مائها، ثمَّ بعد سنةٍ تُمْسِكُ ثُلُثَيْ مائها، ثمَّ قبلَ ظهوره بسنةٍ تُمْسِكُ جميعَ مائها..ا

ويُظْهِرُ اللهُ ابتلاءً منه على يَدَيْ الدَّجَّالِ خوارقَ.. فمِن عجائبهِ أنَّه يَشُقُّ رَجُلًا من المؤمنينَ نصفين ثمَّ يحييه بإذن الله، فيقولُ الرجلُ الذي فُعِلَ به ذلك :[[لم أزدد بفِعلك هذا أيُّها الدَّجَّالُ إلّا تكذيبًا بك]]..ا

ومن عجائبه أنَّه يقولُ للسماءِ :[[أمطري]] فتُمْطِرُ، ويقولُ للأرض :[[أخرِجي زرعَك]] فتخرجُه..ا

ومَعَ الدَّجَّالِ نهرانِ يجريان : واحد من نار، وهو بَرْدٌ على المؤمنين، وواحد من ماءٍ وهو نار عليهم..ا

ويمكُث الدَّجَّالُ بين الناس أربعينَ يومًا قبل أن يُقْتَلَ : أوَّلُ أيّامهِ كسنةٍ وثاني أيّامهِ كشهرٍ وثالثُ أيّامهِ كأسبوعٍ وسائرُ أيّامهِ كأيّامنا هذه..ا

ونعود ونذكِّر أنَّه أثناءَ وجودِ الدَّجَّالِ بين الناس ينزل نبيُّ اللهِ عيسى ابنُ مريمَ من السماءِ ويحكُم بشريعةِ القرءانِ ويتعقَّب الأعورَ الدَّجَّالَ فيدركُه في فِلَسْطينَ فيقتلُه ببابِ لُدٍّ.. و[[لُدٌّ قريةٌ من قرى فِلَسْطينَ]]ا

وجميعُ ما تقدَّم ذكرُه عن الدَّجَّالِ ثابتٌ في الحديثِ الصحيح عن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم..ا

أنظر[(صحيح مسلم)/كتابَ الملاحم/وكتاب الفِتن]]ا

.
وبعد مقتلِ الدَّجَّالِ وفي أيّامِ نبيِّ اللهِ عيسى يخرُج إلى الناسِ يَأْجُوجُ ومَأْجُوجُ، وهم في الأصلِ قبيلتانِ من كُفَّارِ بني ءادمَ من البشر.. ما فيهم مؤمنٌ واحد.. وأمَّا مكانُهم فهو محجوبٌ عن الناس في طرفٍ من أطرافِ الأرض.. الصعبُ ذو القرنين، عليه السلام، الذي كان من أكابر الأولياءِ حَبَسَهُمْ عن البشَر بسدٍّ ضخمٍ بناه عليهم بقدرةِ الله تعالى.. الله تعالى أعطى هذا الرجلَ من كلِّ شيءٍ سببًا لأنّه وليٌّ كبير.. كانت الريحُ تحمِله من المشرق إلى المغرب.. وبكرامةٍ أعطاه اللهُ إيّاها بَنَى ذو القرنين على يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ سدًّا شامخًا من حديدٍ ثمّ أذيبَ عليه النحاسُ فصار أمتنَ فلا يستطيعُ أحد من البشَر أن يترقّاه بطريق العادة، فهم الآن محجوزون عن البشَر خلف السَّدِّ فلا يراهم الناس، ولا هم يأتون إلينا ولا نحن نذهب إليهم..ا

ويَأْجُوجُ ومَأْجُوجُ يحاولون الآن أن يُحْدِثُوا في هذا الجبل الحديديِّ خَرْقًا يَنْفُذونَ منه إلينا ولكن لا يستطيعون، ويقولون كلَّ يومٍ بعد طولِ عملٍ وجهد :[[غدًا نُكْمِلُ]]، فيعودون في اليوم التالي فيجدون ما فتحوه قد عاد وانسدَّ، ثمَّ يعودون إلى الحفر من جديدٍ ويعود الثَّقْبُ في صباحِ اليوم التالي كما كان منسدًّا، ويستمرُّون على هذه الحالِ إلى أن يقولوا :[[غدًا نُكْمِلُ إن شاء الله]]، فيعودون في اليومِ التالي فيجدون ما بدأوا به قد بقي على حاله فيُكْمِلونَ الحفرَ حتَّى يتمكَّنوا من الخروج..ا

.

ثمَّ إنَّ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ لا يموتُ أحدُهم حتى يَلِدَ ألفًا من صُلْبهِ أو أكثرَ كما ذكَر الرسول، عليه الصلاة والسلام، فيصير عددُهم قبل خروجهم كبيرًا جدًّا، حتَّى إنَّ البشر، يومَ القيامة، بالنسبةِ إليهم من حيث العددُ كواحدٍ من مِائة، وفي روايةٍ كواحدٍ من ألف.. والله أعلم كيف يعيشون الآنَ وماذا يأكلون.. وما يُرْوَى مِنْ أنّ ءاذانَهم طويلةٌ ينامون على واحدةٍ ويَتَغَطَّوْنَ بالأخرى وأنَّهم قِصَارُ القامةِ فغيرُ ثابت..ا

.

وبعد خروجهم إلينا تحصُل في أيّامهم مجاعة، يمرُّون على بحيرةِ طبَريّا في فِلَسْطِينَ فيشربونها، فيَمُرُّ ءاخرُهم فيقولُ :[[كان هنا ماء]].. ولا يتجرَّأ المسلمون لحربهم.. فيذهبُ سيِّدنا عيسى، عليه السلام، والمؤمنون إلى جبلِ الطُّور يدعون اللهَ ويستغيثون به منهم ويتضرَّعون إلى الله أن يهلِكَهم، فيرسِل اللهُ عليهم دودًا يدخُل رَقَبَةَ كلِّ واحدٍ منهم فيرميه صريعًا مَيْتًا.. ثمَّ اللهُ تعالى يرسِل طيورًا فتحمِلُهم وترميهم في البحر، ثمَّ يُنْزِلُ اللهُ مطرًا يجرِف ءاثارَهم إلى البحر.. وفي عهد المسيح وبعد مقتلِ الدَّجَّالِ وهلاكِ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ يصير رَخاءٌ كثيرٌ وأمْنٌ وتُخْرِجُ الأرضُ ما بداخلها من الذهبِ حتَّى إنَّه لا يوجد إنسانٌ يقبَل الصدقةَ من عموم الغنى..ا

.

وفي ءاخِر الزمانِ ينزوي الإيمانُ إلى المدينةِ المنوَّرة كما تنزوي الحَيَّةُ إلى جُحْرِها، لأنَّ ءاخِرَ قريةٍ من قرى الإسلام خرابًا المدينةُ المنوَّرة كما ورد في الحديثِ الذي رواه التِّرْمِذِيُّ وحسَّنه :[[(ءاخِرُ قريةٍ من قرى الإسلام خرابًا المدينة)]]ا

ولا بُدَّ أن تكونَ المدينةُ المنوَّرة أحسن حالًا من غيرها فيما مضى وفيما سيأتي.. وهذا هو المرادُ بالحديثِ الذي رواه مسلم :[[إنَّ الإيمانَ لَيَأْرِزُ ــ أي ينزوي ــ إلى المدينةِ كما تَأرِزُ الحَيَّةُ إلى جُحْرِها)]]ا

.
وفي ءاخِر الزمانِ يُرْفَعُ القرءانُ إلى السماءِ ولا تبقى ءايةٌ من القرءان في الأرض.. عندئذ يموت نبيُّ الله الخَضِرُ عليه السلام..ا

.

وبعد حصول أشراطِ الساعةِ الكبرى العَشَرَةِ تقومُ القيامةُ على الكفَّار.. وقبل ذلك بمِائةِ عامٍ تأتي ريح وتدخل تحت إبطِ كلِّ مسلم، فيموت جميع المسلمين ويبقى الكُفَّارُ أحياءً على وجه الأرض، فتقوم القيامة عليهم.. ينفخ إسرافيلُ، عليه السلام، في البوق فيفزعون من هذا الصوت.. فإنَّ صوتَ نفخةِ إسرافيلَ في البوقِ هولُه عظيم تتقطَّع منه قلوبُ الكُفَّارِ حتَّى يموتوا من شِدَّةِ هذا الصوت.. وكذلك الجِنُّ الكُفَّارُ يموتون تلك الساعة، فلا يبقى بَشَرٌ ولا جِنٌّ على وجه الأرضِ إلّا وقد مات.. وأمَّا الذين ماتوا قبل ذلك، أي قبل النفخ في الصور، من المسلمين والكافرين فيُغْشَى عليهم تلك الساعة، أي يُغْمَى عليهم، إلّا شهداءَ المعركةِ فلا يُغْشَى عليهم تلك الساعة، أي لا يتأثَّرون بالنفخة..ا

والأنبياءُ يَصْعَقُونَ في ذلك الوقت، ولكن لا يصيبُهم ألَم، وكذلك الأتقياءُ الصالحون..ا

ثمَّ بعد موتِ البشر يموتُ الملائكة.. وءاخِرُ الملائكةِ موتًا عَزْرائيلُ.. قال بعضُ العلماء :[[يستثنى خَزَنَةُ الجَنَّةِ وخَزَنَةُ جَهَنَّمَ وحَمَلَةُ العرشِ والحُورُ العِينُ والوِلدانُ المخلَّدون]].. هؤلاءِ لا يموتون ولا تؤثِّر فيهم نفخةُ إسرافيلَ..ا

ثمَّ بعد أربعينَ سنةً على النفخةِ الأولى يحيي اللهُ إسرافيلَ الذي كان نَفَخَ في الصور النفخةَ الأولى ومات منها فيأمرُه فينفُخ نفخةً ثانية، فيقومُ الأمواتُ من قبورهم لرَبِّ العالَمين.. ويكون سيِّدنا مُحَمَّدٌ أوَّلَ من يُفيقُ فيجد نبيَّ الله موسى ممسكًا بقائمةٍ من قوائمِ العرش، ولا يتبيَّن له أمرُه : هل أعفِي من الصعقةِ فلم يَصْعَقْ أم صَعِقَ فأفاق قبلَه..ا

قال عليه الصلاة والسلام :[[(الناسُ يَصْعَقُونَ يومَ القيامة، فأكونُ أوَّلَ مَنْ يُفيق، فإذا أنا بموسى ءاخذٌ بقائمةٍ من قوائمِ العرش، فلا أدري أفاق قبلي أم جُوزِيَ بصعقةِ الطُّور)]]ا

رواه البخاريُّ في[(صحيحه)/كتاب أحاديثِ الأنبياء]..ا

.

يقال في اللغة :[[صَعِقَ زيد]]، بكسر العين، [[يَصْعَقُ]]، بفتحها.. وهو فعلٌ لازمٌ غيرُ مُتَعَدٍّ.. ويَصِحُّ أن يقال :[[صُعِقَ يُصْعَقُ]] على ما لم يُسَمَّ فاعلُه، والمعنى واحد.. وإذا أردتَ الفعلَ الْمُتَعَدِّيَ قلتَ :[[صَعَقَ الصوتُ فلانًا يَصْعَقُهُ]]، من باب فتَح..ا

والحمد للهِ رَبِّ العالَمين..ا -------------------------------